Page 21 - stis23
P. 21
إسناد المناصب
إن أي خطوة نحو التنمية والتقدم في الدول المتخلفة ينبغي أن تبدأ
من طريقة إسناد المناصب الإدارية ،وما لم تكن الطريقة ناجعة في
إيصال أشخاص مناسبين إلى ُسَّدة المناصب ،فكل ما عداها يظل
قاص اًر عن وضع البلاد على طريق التطوير .وليس من المبالغة
القول إن طريقة إسناد المناصب الإدارية هي الفيصل بين تقدم
الدول وتخلفها؛ فنجاح مؤسسات الدولة بمختلف أنواعها في تحقيق أهدافها ،يعتمد بالدرجة الأولى على قياداتها الإدارية .وعلى
الرغم من أهمية العوامل الأخرى المتمثلة في العاملين لديها ،والقوانين والأنظمة السائدة فيها ،وبنيتها التحتية ،وغيرها ،تبقى القيادة
الإدارية هي المحدد الرئيس للنجاح أو الفشل.
أسس إسناد المناصب
لا تُسند المناصب الإدارية على نحو اعتباطي ،بل تسند بناء على معايير متبعة في كل دولة .وتختلف آلية إسناد المناصب
باختلاف الدول وطبيعة نظام الحكم فيها ،غير أنها تستند ،في الغالب ،إلى واحد أو أكثر من الأسس الآتية:
قوانين وأنظمة :يوجد في معظم الدول قوانين وأنظمة تحدد آلية إسناد المناصب ،إلا أنها في أحيان كثيرة لا تُطبق على النحو
المنصوص عليه ،ولا سيما في الدول المتخلفة.
ق ار ارت ناظمة :عادة ما تُصدر السلطات التنفيذية ق ار ارت تحدد آلية إسناد المناصب في الدول التي تفتقر إلى تشريعات في هذا
الصدد ،ولكن تجري مخالفتها في أحيان كثيرة أيضاً في الدول المتخلفة.
عادات وأع ارف :هي الأساس الذي تستند إليه آلية إسناد المناصب في معظم الدول
المتخلفة ،ولها دور كبير في إبقائها كذلك .وعلى الرغم من أنها غير مكتوبة ،يصعب
الخروج عنها ،أو عدم الالت ازم بها .ويظل العمل بها سارياً ،إلى حد بعيد ،حتى لو سنت
تشريعات أو أُصدرت ق ار ارت ناظمة مخالفة.
إن الت ازم القوانين والأنظمة ،أو التقيد بالق ار ارت الناظمة ،أو العمل بموجب العادات
والأع ارف ،لا يضمن وضع الرجل المناسب في المكان المناسب ،ولكن اتباع القوانين
والأنظمة والق ار ارت الناظمة يضمن ،على الأقل ،تكافؤ الفرص بين المرشحين .فمهما
كانت القوانين والأنظمة والق ار ارت الناظمة ُمعدة بدقة ،لا تضمن – وحدها -إيصال
الشخص الأفضل إلى المنصب المستهدف؛ لأن المؤهلات الشخصية والأخلاقية يصعب قياسها ،بخلاف المؤهلات الأخرى .أما
العادات والأع ارف في إسناد المناصب فقد تكون أفضل وقد تكون أسوأ على نحو كبير؛ فالهامش هنا واسع جداً.