Page 22 - stis24
P. 22
الفساد
الفساد متأصل في الطبيعة البشرية ،وقد عرفته المجتمعات البشرية منذ القدم؛ إذ إنه ظاهرة
اجتماعية في الأساس ،وإن صار ينسب إلى مؤسسات الدولة بعد نشوئها .والشعا ارت
التي تطرح بين وقت وآخر حول مكافحته واستئصاله ما هي -في معظمها -سوى ذر
للرماد في العيون ،ولا سيما في البلدان المتخلفة؛ فالفساد أقوى من أن يهزم ،وأرسخ من
أن يستأصل ،وما إن ُيطرد من الباب حتى يعود من ال ُشباك .ولكن ذلك لا يعني أن يقف المرء أمام الفساد موقف العاجز المتفرج،
بل يجب العمل على تحجيمه وتشذيبه وتوجيهه؛ بحيث يقل ضرره ،وُيستفاد من بعض جوانبه ،قدر الإمكان.
تعريف الفساد
لا يوجد تعريف للفساد متفق عليه؛ فهو يتعلق بالثقافة السائدة ،ويتغير بتغير الزمان
والمكان والإنسان .ولكن يمكن القول إن الفساد هو :الخروج المتعمد عن الأع ارف
والقوانين والأنظمة المعمول بها بهدف تحقيق مصالح اقتصادية واجتماعية
وسياسية ،أو أي مجموعة منها ،للفرد أو لجماعة معينة ،على حساب الغير.
الأسباب الرئيسة للفساد
.3أسباب ذاتية :وهي أسباب كامنة في الطبيعة البشرية ،التي ترغب في تعظيم منافعها ،وتقليل الت ازماتها ،ولو أدى ذلك أحياناً
إلى الانح ارف عن الطريق القويم.
.0أسباب سياسية :التسلط ،والاستبداد ،والديكتاتورية.
.1أسباب اقتصادية :الفقر ،والبطالة ،وشظف العيش ،وما شابه ذلك.
.1أسباب قانونية وإدارية :غياب القوانين والأنظمة ،أو ضعفها ،أو عدم كفايتها؛
أو ضعف تطبيقها والاستنسابية فيه.
.0أسباب اجتماعية :تردي الواق التربوي والأخلاقي والقيمي في المجتم .وهي
الأسباب الأهم؛ فمن دونها يصعب على الأسباب الآنفة الذكر كلها أن تخلق فساداً ،أو تساعد على استم ارر وجوده.
الحد من الفساد
تسلك ظاهرة الفساد منحنى التوزي الطبيعي :فجزء صغير من الناس يكون فاسدا فساداً لا يمكن إصلاحه؛ وجزء مماثل يكون
صالحا على نحو يص ُعب إفساده؛ أما السواد الأعظم منهم فيتأثر سلباً أو إيجاباً بالبيئة المحيطة والواق المعاش ،ويصبح فاسدا
أو صالحا حسب الظروف ،وهو الجزء الذي ينبغي توجيه الاهتمام نحوه.
ونظ اًر لأن الفساد ،بعد نشوء الدول ،قد صار يتركز في مؤسسات القطاع الحكومي بصورة رئيسة ،ويؤثر في حياة أف ارد الشعب
كلهم؛ ازدادت الدعوات إلى الوقوف في وجهه ومكافحته ،أو الحد منه؛ كي لا يتحول إلى ثقافة عامة تتجذر يوماً بعد آخر،