Page 11 - stis23
P. 11

‫حفظ المادة ‪Conservation of Matter‬‬

                                          ‫ينص قانون حفظ المادة (أو حفظ الكتلة) على أن المادة لا ُتفنى ولا ُتستحدث‬
                                          ‫خلال التفاعل الكيميائي‪ ،‬ولكن قد تتغير من حالة إلى أخرى‪ ،‬فكتل المواد الداخلة‬
                                          ‫في التفاعل تساوي كتل المواد الناتجة عن التفاعل‪ .‬وقد كان لهذا القانون أهمية‬

                                                                               ‫واضحة في تقدم العلوم الكيميائية الحديثة‪.‬‬

                                                                                            ‫اكتشاف قانون حفظ المادة‬
‫كانت توجد فكرة مهمة في الفلسفة اليونانية تقول‪ :‬لا شيء يأتي من العدم‪ ،‬وذكر إبيقور في القرن الثالث قبل الميلاد مبدًأ‬

                        ‫يتماشى مع ذلك‪ ،‬وينص على أن "مجموع الأشياء كان دائماً كما هو الآن‪ ،‬وسيستمر ذلك إلى الأبد"‪.‬‬

‫وفي القرن الثالث عشر الميلادي‪ ،‬كتب نصير الدين الطوسي‪" :‬لا يمكن للجسم المادي أن يختفي تماماً‪ .‬فهو يغير فقط شكله‪،‬‬
                                   ‫وحالته‪ ،‬وتكوينه‪ ،‬ولونه‪ ،‬وخصائصه الأخرى؛ ويتحول إلى مادة مختلفة معقدة أو بسيطة"‪.‬‬

‫وفي عام ‪ ،1871‬ترجمت السيدة ماري‪ ،‬زوجة العالم الفرنسي أنطوان لافوازيه‪ ،‬نشرة علمية للعالم روبرت بويل‪ ،‬وصف فيها‬
‫تجربة على مادة القصدير‪ ،‬ولاحظ فيها زيادة غير مبررة في وزنه لدى تسخينه‪ ،‬وقال إن تغير الوزن قد حدث خلال التجربة‬

                                                                                                            ‫الكيميائية‪.‬‬

                                             ‫لم يقتنع لافوازيه بذلك‪ ،‬وقرر إعادة تجربة بويل‪ ،‬وقياس الوزن بدقة‪ ،‬واكتشاف‬
                                             ‫مصدر الوزن ال ازئد‪ .‬فوضع صفيحة من القصدير في دورق زجاجي بعد أن‬
                                             ‫وزنها بدقة‪ ،‬وسد فتحته ليكون التفاعل بأكمله داخل الدورق‪ ،‬ووزن الدورق مع‬
                                             ‫الصفيحة قبل وبعد التسخين‪ ،‬فوجد أن الوزن الكلي ظل ثابتاً لم يتغير‪ ،‬مع أن‬
                                             ‫الصفيحة قد اكتست بطبقة ثخينة من الكلس‪ .‬حاول لافوازيه استطلاع ما جرى‪،‬‬
                                             ‫ففتح الدورق‪ ،‬ما أدى إلى دخول سريع للهواء‪ .‬رفع الصفيحة ووزنها‪ ،‬فلاحظ‬

                                                                     ‫ازدياد وزنها بمقدار ‪ 7‬غ كما حصل في تجربة بويل‪.‬‬

‫استنتج لافوازيه أن الوزن ال ازئد للصفيحة سببه الهواء داخل الدورق؛ إذ اكتسبت ‪ 7‬غ لدى امت ازجها بالهواء لتكوين طبقة الكلس‪.‬‬
                               ‫وعند فتح الدورق‪ ،‬دخل غ ارمان جديدان من الهواء لتعويض الهواء الممتص في تكوين الكلس‪.‬‬

‫أعاد لافوازيه التجربة مستعملاً صفيحة أكبر‪ ،‬لكن بقيت كمية الهواء الممتصة هي ذاتها‪ .‬وكرر التجربة‪ ،‬وقاس حجم الهواء‬
‫الممتص في تركيب الكلس‪ ،‬فوجده ‪ %72‬من إجمالي الهواء داخل الدورق‪ ،‬وأسماه "الأكسجين"‪ .‬وأثبت لافوازيه أن المادة لا‬

                            ‫ُتستحدث ولا تفنى بوساطة تفاعل كيميائي؛ فهي تأتي دوما من مكان ما وتذهب إلى مكان ما‪.‬‬

                ‫نشر لافوازيه هذا الاكتشاف في عام ‪ ،1871‬وهو العام الذي حدثت فيه الثورة الفرنسية وأدت إلى قطع أرسه‪.‬‬
   6   7   8   9   10   11   12   13   14   15   16